الحكم والأمثال في الأدب الجاهلي

حول الحكم والأمثال الجاهلية.

من يتمعن في قراءة ودراسة الأدب الجاهلي سيرى بأنه غزيرٌ بالحكم والأمثال التي استُنبطت من واقع الحياة والتجارب والأحداث في ذلك الزمان، وتناقلتها العرب عبر العصور بدءً من العصر الجاهلي إلى أن وصلت إلينا في هذا العصر.

وللحكم والأمثال خصائص فريدة تميزها عن غيرها من أنواع الأدب الشائع آنذاك في العصر الجاهلي، فكونوا معنا عبر هذا المقال لنعرف أولاً الفرق بين الحكم والأمثال في العصر الجاهلي وخصائصها ومن ثم نتعرف على أمثلة من أشهر الحكم والأمثال في الأدب الجاهلي .

الحكم والأمثال في الأدب الجاهلي

الفرق بين الحكم والأمثال

في البداية لا بُدَّ من تعريف كلٍّ من الحكمة والمثل والتفريق بينهما، فالحكم والأمثال فنّان نثريّان وصلا للناس كما نطق بهما أصحابُهما، من غير تغيير أو تحريف، ولا زيادة أو نقصان، لما تمتاز به من تركيز بالغ، وإيجاز شديد، بالإضافة إلى قبولها للحفظ، واشتهارها على الألسن في كلّ مناسبة.

وتتمثل الفروقات بين الحكمة والمثل بما يلي:

  • الحكمة قول موجز جميل، والمثل يقترن بقصة أدت إليه.
  • الحكمة نابعة من الواقع ومعاناة التجارب بالحياة، والمثل يصدر غالباً من طائفة خاصة من الناس لها خبرتها وتجاربها وثقافتها.
  • تم تدوين الحكم والأمثال منذ أوائل العصر الأموي وهذا ما ساعد على حفظها وتواترها على الألسنة مع مرور الزمن.
  • وهناك الكثير من الأمثال والحكم لم يعرف أصحابها أو قائلوها أو ناقلوها.

خصائص الحكم والأمثال في العصر الجاهلي

لقيت الحكم والأمثال في العصر الجاهلي شيوعًا كبيرًا لخفتها وعمق معانيها، بالإضافة إلى إصابتها للغرض المنشود منها، وتعبيرها الصادق عن حياة الناس العامّة وأخلاق الشعوب، لذلك تميزت الحكم والأمثال في العصر الجاهلي بعدة سمات من أبرزها:

  • إيجاز في اللفظ.
  • إصابة بالمعنى والمقصد.
  • حسن بالتشبيه.
  • جودة الكناية.

أسباب انتشار الحكم والأمثال في العصر الجاهلي

هناك عدة أسباب ساعدت على انتشار الحكم والأمثال في العصر الجاهلي لتصبح إحدى الفنون النثرية الهامة،
ومن أبرز هذه الأسباب:

  • بيئة فطرية يغلب عليها الأمية وتحتاج إلى تجارب مستخلصة بصورة أقوال ذات معنى صادق.
  • ارتباط المثل بحادثة أو قصة تساعد على انتشاره.
  • صياغة الأمثال في عبارات حسنة وسهلة تمتاز بدقة التشبيه.
  • شيوع الحكم على ألسنة العرب واعتمادها بالتجارب واستخلاص العظمة من الحوادث ونفاذ البصيرة وغيرها.

أهمية الحكم والأمثال في العصر الجاهلي

كان للأمثال والحكم أهمية خاصة لدى العرب في العصر الجاهلي مما أدى إلى أخذها مكانة خاصة في الأدب الجاهلي، ويمكن أن تتم ملاحظة كيف كانت هذه الحكم والأمثال تنقل تجارب الناس وأحوالهم الثقافية والفكرية والاجتماعية والتاريخية والأخلاقية وغيرها.

قال ابن الجوزية: ففي الأمثال من تأنس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق لا يجحده أحد ولا ينكره ولكما ظهرت الأمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً، فالأمثال شواهد المعنى المراد وهي خاصية العقل ولبه وثمرته.

ويأتي تطور الأمثال والحكم العربي عبر العصر دالاً على مدى أهمية ذلك وكيف كان يأخذ حيزاً كبيراً مما يحفظه العرب من العصر الجاهلي.

أشهر الحكم والأمثال في الأدب الجاهلي والعصر الجاهلي

نورد أدناه العديد من الأمثال والحكم التي انتشرت منذ العصر الجاهلي وتم تدوينها لاحقاً في العصر الأموي وهي وفق التالي:

أشهر الأمثال في العصر الجاهلي

يلخص المثل قصة أو حادثة أدت إلى إعطاء عبرة، ومن أشهر ما قيل من الأمثال في العصر الجاهلي نذكر ما يلي:

أشهر الأمثال في العصر الجاهلي
  • “على أهلها جنت براقش” : وبراقش اسم لكلبة لقوم من العرب وقد اختبأت مع أصحابها الغزاة، فلما عادوا خائبين لم يعثروا عليهم نبحت براقش فاستدلوا بنباحها على مكان أهلها فاستباحوهم.
  • “وافق شنٌّ طبقة” : وكان يضرب للمتوافقين بأمر معين.
  • “الصيف ضيعت اللبن” :ويقصد به من يضيع أمراً على نفسه ثم يطلبه بعد فوات الأوان.
  • “أعط القوس باريها” : ويقصد به إعطاء العمل لمن يعرف به وأدرى بتفاصيله.
  • “رَجعَ بخُفّي حُنين” : ويقصد به العودة حاملاً الخيبة والفشل.
  • “جزاؤهُ جزاءَ سنمّار “ : يضرب هذا المثل لمن يحسن في عمله فيكافأ بالإساءة إليه.
  • “مواعيد عرقوب”: ويُضرب هذا المثل لمن يكذب في مواعيده.
  • “عندَ الصبحِ يَحمُد القومُ السرى” : ويضرب لمن يتحمل التعب لأجل الحصول على الراحة فيما بعد.
  • “لا يُطاع لقصير أمر” : قيل هذا المثل في قصة الزبّاء الشهير

كما انتشر العديد من الأمثال في العصر الجاهلي نذكر منها أيضاً:

  • اليوم خمر وغداً أمر.
  • “أول ما أطلع ضبٌّ ذَنَبه”.
  • “أجرِ الأمور على أذلالها”.
  • “احذر الصبيان لا تصبك بأعقائها”.
  • “انقطع السلى في البطن”.
  • “أبصِرْ وَسْمَ قِدحك”.
  • “شر السير الحَقْحَقة”.
  • “أكذب مِن اليَهْيَر”.
  • “إنما يجزى الفتى ليس الجمل”.
  • “أشبه شَرْج شَرْجًا لو أن أُسَيْمرًا”.
  • “أحشَفًا وسوءَ كيلة”.
  • “أنجد مَن رأى حضنًا”.
  • “لولا اللئامُ لهلك الأنام”.
  • “ليس من العدل سرعة العَذْل”.
  • “من لي بالسانح بعد البارح؟”.
  • “المنايا على البلايا”.
  • “مِن العناء رياضةُ الهرِمِ”.
  • “هذا أوان الحرب، فاشتدي زِيَم”.
  • “استغنت التُّفَّة عن الزُّفَّة”.
  • “إذا لم تغلِبْ فاخلب”.
  • “ارقَ على ظلعك، واقدِر بذَرْعك”.
  • “إذا جاء الحَيْن، حار العين”.
  • “إن القُنوع الغنى لا كثرة المال”.
  • “حال الجريضُ دون القريض”.
  • “ضَرْب أخماسٍ لأسداس”.
  • “إنني لن أضيره، إنما أطوي مصيره”.
  • أجناؤها أبناؤها.
  • رب عجلة تهب ريثاً.

أشهر الحكم في العصر الجاهلي

أبدع العرب في ضرب أشهر الأمثال والحِكَم في العصر الجاهلي في مختلف المواقف والأحداث، ولا يزال بعضها حيًّا ومستخدمًا إلى وقتنا هذا، ومن أشهر ما قاله العرب من الحكم في العصر الجاهلي نذكر:

أشهر الحكم في العصر الجاهلي
  • “مَصارعُ الرجالِ تحتَ بروقِ الطمع” : وفي هذه الحكمة دعوة للقناعة، لأنّ الطمع يقتل صاحبه.
  • “أدبُ المرءِ خيرٌ مِنْ ذهبهِ” : وتعني أنّ قيمة الإنسان بأدبه وليس بماله.
  • “رُبّ ملومٍ لا ذنبَ لهُ” : وهي دعوة إلى التثبّت من الأمر قبل توجيه اللوم والذنب لشخص بريء.
  • “مَنْ فَسدتْ بطانتهُ كانَ كالغاصِ بالماء” : وهذه الحكمة تدعو إلى حسن اختيار الأعوان.

ولم يترك العرب أي قصة أو حدث جرى معهم إلا واستخلصوا منه الحِكَمَ والعِبَر، ومن أبرز ما قالوه من الحكم في العصر الجاهلي نذكر لكم أيضًا:

  • لأمر ما جمع قصير أنفه.
  • ربّ عجلة تهب ريثًا.
  • آفة الرأي الهوى.
  • آخر الدواء الكي.
  • الخير خير وإن طال الزمان به، والشر أخبث ما أوعيت من زاد.
  • ادرعوا الليل فإنّ الليل أخفى للويل.
  • المرء يعجز لا محالة.
  • لا جماعة لمن اختلف.
  • لكل امرئ سلطان على أخيه حتى يأخذ السلاح، فإنه كفى بالمشرفية واعظًا.
  • أسرع العقوبات عقوبة البغي.
  • خلا لكِ الجُّو فبيضي واصفري.
  • القولُ ما قالتْ حذامِ.
  • ويلٌ للشجي من الخَلِيِّ.
  • ما كلٌ سوداء ثمرة، ولا كل بيضاءَ شحمة.
  • لا تهدم الحسناء ذامًّا.
  • لكل جواد كبوة، ولكل صارم نبوة.
  • من سلك الجدد أمن العثار.
  • أسمع من فرس في غلس.
  • إذا فزع الفؤاد ذهب الرقاد.

أشهر الحكم في الشعر الجاهلي

من أشهر الحكم التي قيلت في شعر العصر الجاهلي:

  • قول زهير بن أبي سلمى:

ومهما تَكُن عندَ امرِئٍ مِن خَليقةٍ

وإن خالَها تَخفى على الناس تُعلَمِ

وكائنْ تَرى مِن صامِتٍ لك مُعجِبٍ

زيادَتُهُ أو نَقصُهُ في التكلُّمِ

لسانُ الفتى نِصفٌ ونِصفٌ فؤادُهُ

فلم يَبْقَ إلا صورةُ اللحمِ والدمِ

وَيَومَ تَلافَيتُ الصِبا أَن يَفوتَني

بِرَحبِ الفُروجِ ذي مَحالٍ مُوَثَّقِ

  • قول الأعشى:

تُسَرُّ وَتُعطى كُلَّ شَيءٍ سَأَلتَهُ

وَمَن يُكثِرِ التَسآلَ لا بُدَّ يُحرَمِ

لَعَمرُكَ ما طولُ هَذا الزَمَن

عَلى المَرءِ إِلّا عَناءٌ مُعَن

يَظَلُّ رَجيمًا لِرَيبِ المَنونِ

وَلِلسَقمِ في أَهلِهِ وَالحَزَن

  • قول طرفة بن العبد:

إذا شَاءَ يوْمًا قادَهُ بِزِمَامِهِ

ومنْ يكُ في حبلِ المنيّةِ ينقدِ

إذا أنْتَ لم تَنفَعْ بوِدّكَ قُرْبَة

ولم تنْكِ بالبؤْسَى عدوَّكَ فابعدِ

الخاتمة

إلى هنا تنتهي جولتنا الأدبية في ربوع الحكم والأمثال في الأدب الجاهلي، راجين أن نكون قد وفقنا في وضع أشهر ما قالته العرب من حكم وأمثال مازالنا نسمع الكثير منها ونرددها إلى وقتنا هذا.

  1. ما هو تعريف المثل ؟

    المثل (جمعه: أمثال): هو قصة تعليمية وجيزة قد تكون شعر أو نثر يوضح واحد أو أكثر من الدروس أو المبادئ التثقيفية

  2. ماأشهر الأمثال في العصر الجاهلي ؟

    من أشهر الأمثال التي تضمنت القيم والأخلاق وغيرها ما يأتي:
    1 – عند الصبح يحمد القوم السرى، ويضرب لمن يتحمل التعب لأجل الحصول على الراحة فيما بعد.
    2- بيدي لا بيد عمرو، وقالت هذه المقولة التي أصبحت مثلًا هي الزباء بنت عمرو بن الأضرب التي اعتلت عرض تدمر بعد وفاة أبيها.
    3- عادت حليمة إلى عادتها القديمة، وحليمة هي زوجة حاتم الطائي.

  3. لماذا انتشرت الأمثال في العصر الجاهلي؟

    وﻟﻘﯿت ﻫذﻩ الأمثال شيوعاً ﻟﺨﻔﺘﻬﺎ وﻋﻤق ما ﻓﯿﻬﺎ من حكمة وإصابتها ﻟﻠﻐرض اﻟﻤﻨﺸود منها، وصدق تمثيلها ﻟﻠﺤﯿﺎة اﻟﻌامة لأخلاق اﻟﺸﻌوب.

  4. من الأمثال المشهورة ؟

    أمثال شعبية:
    إن غاب القط العب يا فار.
    في قلبي صدى ما بحبش حدى.
    بتحط في عبها وبتف من فمها.
    وين ذانك يا جحا .
    جاجة حفرت على راسها عفرت.
    طب الجرة على ثمها بتطلع البنت لأمها.
    شحاد وبتشرط.
    رضينا بالبين والبين ما رضي فينا.

اقرأ أيضاً

You might also like